استعاد روحه.. قاعدة ألونسو الإلزامية تُطلق النسخة المرعبة لمبابي في ريال مدريد

كيليان مبابي منذ بزوغ نجمه على الساحة العالمية أصبح مرادفًا للسرعة والانطلاقات الساحقة التي لا تُطاق، ولكنه مر بتغيرات ملحوظة خلال مسيرته حيث بات ملزمًا بالتكيف مع أدوار جديدة داخل الملعب، بينما كان يُعتَبَر سابقًا جناحًا صاعدًا يثير الرعب على الجهة اليسرى، أصبح الآن قريبًا من المهاجم الصريح الذي يركز على إنهاء الهجمات، وهذا ما وضعه في صراع تكتيكي لتحديد هويته مع الفرق التي لعب لها بشكل خاص

بعد انضمامه إلى ريال مدريد ووقوفه أمام تحدي المنافسة مع نجومية فينيسيوس على الجهة اليسرى، واجه مبابي ضرورة البحث عن مساحة جديدة لأثبات إمكانياته، وقد جاء دور تشابي ألونسو الذي وضع قاعدة إلزامية تعتمد على حركية لاعبيه واحتلالهم المراكز بشكل مستمر دون قيود، وهذا ما أتاح للمهاجم الفرنسي فرصة استعادة إبداعه والتألق من جديد ما يجعل النسخة المرعبة منه تعود إلى الواجهة من جديد

لم يكن كيليان مبابي يخشى مواجهة الكرة في فترات سابقة حيث كان واثقًا بقدرته على تجاوز أي دفاع بأداء عالٍ، ولكن مع انتقاله إلى أدوار جديدة في الملعب ونضوجه كلاعب، بدأت تظهر تغييرات جذرية في شخصيته الرياضية، ورغم استمراره في إظهار سرعته وموهبته، تغيرت نظرته له كسلاح هجومي مشاريع تهاجم مرمى الخصوم بشكل مباشر وبأفكار متقدمة

الملكي حقق أربعة أرقام تاريخية مميزة خلال افتتاح الدوري الإسباني، فقد كانت بداية مثيرة تأتي مع طموحات جماهيره المتمثلة في تقديم أداء مقنع، وقد عبر مبابي عن فرحته بعد تسجيل هدفه الأول في موسم 25/26 قائلاً: “أشعر بحالة جيدة لكن الأهم هو مساعدة الفريق هجوميًا ودفاعيًا، وسنحقق الانتصارات إذا حافظت على الروح المناسبة للمساهمة” مما يشير إلى استعداده القوي للموسم الجديد

في البداية، كان الظهور الأول لمشروع تشابي ألونسو في الدوري علامة فارقة، حيث ارتقى مبابي تحت القميص رقم 10 مما يعكس قبول تحدٍ جديد يرمي لاستعادة روحه وتفجيره لطاقاته الكاملة مجددًا، وهو مؤشر واضح على رغبة اللاعب في الوصول إلى أعلى درجات النجاح مع الفريق ومساهمته الفعالة في خلق مزيد من الفرص الهجومية

مبابي “يكسر” الرسم الخططي

مدرب مبابي السابق في باريس سان جيرمان لويس إنريكي قد قال في وقت سابق: “مبابي كان يتحرك حيثما أراد مما خلق لحظات صعبة في المباراة، والآن سأكون أكثر تحكمًا بكافة جوانب اللعبة”، هذا ما حدث في باريس حيث عانى مبابي من قيد الأنماط الجديدة التي وضعت له مما أثر على مستوى أدائه، إلى أن انتقل إلى مدريد وهو يتطلع لحرية أكبر في أدائه واستعادة التألق

على الرغم من تألق مبابي كجناح مرعب إلا أنه واجه منافسة قوية عند انتسابه لريال مدريد حيث كان فينيسيوس مسيطرًا على الجهة اليسرى مما أجبره على إعادة هيكلة هجماته، فقد كانت هناك دائمًا حرية للحركة عبر الصفوف الهجومية لكن لم يكن الوضع ذاته كما كان في السابق، لكنه اجتهد حتى يقلل الأثر السلب على أدائه ويستعيد توازنه المعتاد

ريال مدريد استهل مشواره في الليغا بفوز قوي أمام أوساسونا، مما يعكس الجهود المبذولة على جميع الأصعدة لتعزيز أداء الفريق، وخلال اللقاء، وضع مبابي نفسه في موقع الصدارة مع اطلاق إمكانياته الكاملة ونجاحه في المراوغة وتمرير الكرة بدقة عالية مما يعزز مكانته كأحد أبرز اللاعبين في الفريق دون منازع

قاعدة إلزامية تصب في مصلحة مبابي

تشابي ألونسو قد وضع خطة كروية تعتمد على قاعدة إلزامية تصب في مصلحة مبابي وتحقق فوائد جمة لفريقه، فهي تقتضي حركية جميع اللاعبين كجزء أساسي من الاستراتيجيات، وهذا الأمر يسهم في خلق ديناميكية مميزة وتحول مستمر ينعكس مباشرة على الأداء الجماعي للفريق بأكمله، البقاء في الحركة المستمرة دون قيود يعزز من قدرة اللاعبين على التأقلم مع مختلف الظروف داخل المباراة ويمنحهم الثقة اللازمة

استفاد مبابي من هذه الفرص في المباراة الأولى من موسم 2024/25 وعاد ليؤكد على استعداداته لبداية مميزة مع الفريق حيث أظهر مهاراته دون أي تردد، مما ساهم في استعادة النسخة المرعبة منه التي كانت عصية على السيطرة من قِبل الخصوم خلال تلك اللحظات المثيرة التي عبرت عن قوته، واثبت من جديته في استعادة الأمجاد

المهاجم الفرنسي يتصدر قائمة المراوغات بعد الجولة الأولى في الدوري بنجاحه في 8 من أصل 12 محاولة وهو ما يُظهر إصراره وثقته، وعلى الرغم من أن نيكو ويليامز أحرز نفس العدد من المراوغات إلا أنه احتاج لمزيد من المحاولات، الأمر الذي يثبِت تفوق مبابي الفني والمهاري في المواقف الحرجة داخل منطقة الـ18، مما يعزز من قوة وجوده كهداف متمرس وكقيمة عظيمة للفريق

ريال مدريد استثمر بمبلغ 120 مليون يورو لترميم دفاعه، وهي حصيلة تسلط الضوء على الطموح والرغبة في المنافسة على الألقاب، في الشوط الأول، ابتلي الفريق بنقص الإبداع والسلاسة في الأداء بينما زادت هذه الجوانب بعد التغييرات التكتيكية في الشوط الثاني، مما يعزز التأكيد مرة أخرى على قدرة الفريق العالية على التكيف وتقديم الأداء المميز عند الضرورة

صرح مبابي قائلًا: “لم نتمكن من استغلال المساحات الكثيرة، وكان المدرب يفضل أن نتحكم أكثر في الكرة واستغلال أي ركن من الملعب للعب في حالة استحواذ”، وهو ما يعكس الإدراك العميق للتكتيك المثالي المطلوب لتحقيق الانتصارات في عالم كرة القدم الحديث، ويؤكد في النهاية على ثقته العالية في هذا المشروع الجديد