من صدفة تكتيكية إلى واقع فعال.. تشيلسي يكتشف سر قوته الهجومية أمام وست هام (تحليل)

بعد البداية المتعثرة في الجولة الأولى، ظهر تشيلسي الذي وُعِد به المشجعون بطل العالم الجاهز للمنافسة على اللقب باكتساح نادي وست هام يونايتد بخماسية، كانت هذه مباراة قائمة على الركض مباراة حدد ملامحها انطلاقات خط هجوم تشيلسي المتكررة في مواجهة دفاع وست هام المترهل، وسلط الموقع الرسمي للدوري الإنجليزي الضوء على الخطة التكتيكية لإنزو ماريسكا مدرب تشيلسي والتي أعادت اكتشاف القوة الهجومية للبلوز.

الضيوف لعبوا بحيوية الشباب فيما كان أصحاب الأرض عاجزين عن المقاومة، لم تكن بحاجة إلى حسابات لتعرف أي الفريقين أصغر سنًا لكن للأرقام متوسط أعمار لاعبي وست هام الأساسيين 27.4 سنة مقابل 24.0 لتشيلسي، وربما كان تفاؤل الشباب هو ما ألهم تشيلسي لتبديد آثار التعادل السلبي أمام كريستال بالاس في الأسبوع الماضي وتهدئة المخاوف من أن إمكانياتهم قد جرى تضخيمها، تلك المخاوف زادت بعد انسحاب كول بالمر من المشاركة عقب الإحماء مباشرة.

تقدّم لوكاس باكيتا لوست هام بهدف رائع مبكر لكن مع صافرة النهاية عاد فريق ماريسكا الشاب ليحلم مجددًا بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز، تشيلسي يعاقب وست هام بخماسية، إذا كانت هذه هي اللحظة التي ستنطلق فيها رحلة تشيلسي هذا الموسم فقد يعود الفضل في ذلك إلى التغيير التكتيكي الذي أجراه إنزو ماريسكا وإلى إصابة بالمر، للمباراة الثانية على التوالي اختار ماريسكا تشكيلًا معقدًا بعد خطة 3-3-1-3 أمام كريستال بالاس التي عزلت بالمر في مركز الرقم 10.

لكن بدا وكأن ماريسكا عمل تحديدًا على حل تلك المشكلة في استاد لندن حيث جلس مويسيس كايسيدو وحيدًا أمام خط دفاع ثلاثي فيما تحرك ثلاثة لاعبين إنزو فيرنانديز جواو بيدرو وإيستيفاو معًا خلف ليام ديليب، هذا التغيير أتاح لماريسكا أن يلعب باثنين من صانعي الألعاب الصرحاء في العمق، وقد نجحت سريعًا في تفكيك دفاع وست هام، كان جواو بيدرو لافتًا بتجوله في دور صانع الألعاب الرئيسي حيث سجل الهدف الأول وصنع الثاني.

رغم أن نجم الشوط الأول الحقيقي كان إيستيفاو، فقد أحدث فارقًا كبيرًا كبديل أمام كريستال بالاس بفضل أسلوبه المباشر، وهذا الزخم الإضافي انطلاقاته ومراوغاته المخترقة التي تخرج تشيلسي من استحواذ عقيم كان حاسمًا هنا، خصوصًا في الهدف الثالث للضيوف حينما اندفع إيستيفاو عبر خط الدفاع ليصنع الهدف لإنزو فيرنانديز، قد تبدو هذه تفاصيل صغيرة لكن بينما يسعى ماريزكا لتجاوز الدفاعات المتكتلة فهذا هو مستوى الاكتشافات التكتيكية الذي يعمل عليه.

لا يمكن لمدرب تشيلسي أن يكون بهذا الطابع الهجومي في كل مباراة لكن إشراك جواو بيدرو خلف ديلاب ووجود صانع لعب آخر مثل إيستيفاو يتحرك بعكس الاتجاه مزق دفاع وست هام، والأفضل من ذلك أن التجربة أثبتت أن تشيلسي قادر على اللعب بشكل جيد حتى في غياب بالمر، رغم أن جواو بيدرو وإيستيفاو خطفا الأضواء إلا أن الأداء الهجومي الأهم في الأمسية كان من نصيب ديلاب.

تجاهل حقيقة أنه مرر فقط ست مرات أي أكثر بتمريرتين فقط من فيكتور جيوكيريس في ظهوره الأول مع آرسنال ما فعله ديلاب بعيدًا عن الكرة وكيف أصبح المحور الذي تحرك حوله الآخرون هو ما كان حاسمًا، قد يكون ذلك أساسيًا في تحويل أسلوب ماريسكا القائم على الاستحواذ الشبيه بالشطرنج إلى كرة أكثر ديناميكية، فكل هؤلاء اللاعبين المنطلقين احتاجوا ديلاب كنقطة ارتكاز لم يكن لتشيلسي أن يجد نفسه بهذا الشكل المتكرر يتدفق للأمام في المساحات بين الخطوط لولا أن ديلاب كان يثبت مدافعي وست هام في أماكنهم.

مرة أخرى كان التمعّن في الهدف الثالث لتشيلسي هو الأكثر إفصاحًا هنا، فقد كانت قدرة ديلاب على تثبيت آرون كريسويل وتمرير الكرة المرتدة ما سمح لإيستيفاو بالانقضاض إلى الأمام دون رقابة، كان دور ديلاب خبرًا سارًا للجميع لمشجعي تشيلسي ولجواو بيدرو الذي يفضل التحرك في العمق وحتى لبالمر رغم أن صانع الألعاب رقم 10 قد يبدو وكأنه خسر مكانه بعد غيابه عن المشاركة، ظاهريًا لا يبدو الأمر جيدًا أن بالمر عانى من صعوبة في التأثير أمام كريستال بالاس ثم جلس على مقاعد البدلاء في عرض أكثر سلاسة لتشيلسي.

لكن في هذا النظام ومع وجود ديلاب كنقطة ارتداد كان بالمر سيستمتع بالمساحات التي ظهرت في مباراة وست هام، وبعد العقم الهجومي أمام بالاس كان تشيلسي في أمسّ الحاجة إلى هذا الفوز، النظام عاد إلى نصابه والتوقعات ارتفعت مجددًا إلى عنان السماء، لم يكن بوسع وست هام أن يعيش يومًا أسوأ غادر المشجعون مقاعدهم في الدقيقة 59 بعد الهدف الخامس والأخير لتشيلسي، وركزت الكاميرا مرارًا على نظرات “بوتر” الشاردة والبعيدة.

إنها نظرة شاهدها مشجعو تشيلسي من قبل بالطبع إذ حصد بوتر مع تشيلسي 28 نقطة فقط في 22 مباراة بالدوري الإنجليزي وحتى الآن جمع 20 نقطة فقط من 20 مباراة مع وست هام في الدوري، أمامه عمل جاد ثمانية أهداف هي أكبر عدد من الأهداف يستقبلها وست هام في أول مباراتين من موسم في الدرجة الممتازة، تسع نقاط هي أقل حصيلة يحققها أي مدرب لوست هام في أول 10 مباريات له على أرضه.

ومن السهل تحديد مواضع الخلل حيث أن تشيلسي سجل هدفه الثالث من تسديدته الرابعة فقط في المباراة وجميع الأهداف الخمسة يمكن عزوها إلى سوء تنظيم دفاعي أساسي بدءًا من الفشل في التغطية خلال ركلة ركنية إلى فقدان الكرة على حدود منطقة الجزاء، ومع ذلك حتى اللحظة التي اعتقد فيها نيكلاس فولكروج أنه منح وست هام التقدم 2-1 قبل أن يُلغى هدفه بداعي التسلل بفارق ضئيل كان أصحاب الأرض في نظر كثيرين الفريق الأفضل.

فخطة لعبهم 3-4-3 بدت مدمجة بما يكفي وانطلاقاتهم بقيادة باكيتا استفادت بذكاء من قرار تشيلسي إشراك جواو بيدرو كأحد لاعبي الوسط، وبالفعل فإن قرار ماريسكا بترك مويسيس كايسيدو وحيدًا في القاعدة يفسر سبب حصول باكيتا على كل ذلك الوقت للتقدم وإطلاق تسديدته التي منحت وست هام هدف السبق، الخطة التكتيكية كانت قابلة للتنفيذ بلا شك لكن سرعة هجمات تشيلسي القاسية والأخطاء الدفاعية الأساسية لخط الدفاع الثلاثي البطيء قوضتها تمامًا.

قد يأمل بوتر في تدعيمات خلال سوق الانتقالات ومع مواجهة نوتنجهام فورست خارج الديار وتوتنهام على أرضه في الجولات المقبلة لا وقت ليضيعه.